هي
رابعة بنت إسماعيل العدوي، ولدت في مدينة البصرة، ويرجح مولدها حوالي عام (100هـ -
717م)، وكانت لأب عابد فقير، وكانت الأبنة الرابعة لوالدها ولهذا يرجع اسمها
رابعة.
وقد
توفي والدها وهي طفلة دون العاشرة ولم تلبث الأم أن لحقت به، لتجد رابعة واخواتها
أنفسهن بلا عائل يُعينهن علي الفقر والجوع والهزال، فذاقت رابعة مرارة اليتم الكامل
دون أن يترك والداها من أسباب العيش لها سوى قارب ينقل الناس بدراهم معدودة في أحد
أنهار البصرة كما ذكر المؤرخ الصوفي فريد الدين عطار في (تذكرة
الأولياء).
كانت
رابعة تخرج لتعمل مكان أبيها ثم تعود بعد عناء تهون عن نفسها بالغناء وبذلك أطلق
الشقاء عليها وحرمت من الحنان والعطف الأبوي، وبعد وفاة والديها غادرت رابعة مع
أخواتها البيت بعد أن دب البصرة جفاف وقحط أو وباء وصل إلى حد المجاعة ثم فرق الزمن
بينها وبين أخواتها، وبذلك أصبحت رابعة وحيدة مشردة، وأدت المجاعة إلى انتشار
اللصوص وقُطَّاع الطرق، وقد خطف رابعة أحد اللصوص وباعها بستة دراهم لأحد التجار
القساة من آل عتيك البصرية، وأذاقها التاجر سوء العذاب، ولم تتفق آراء الباحثين على
تحديد هوية رابعة فالبعض يرون أن آل عتيق هم بني عدوة ولذا تسمى العدوية.
أنعم
الله علي رابعة بموهبة الشعر وتأججت تلك الموهبة بعاطفة قوية ملكت حياتها فخرجت
الكلمات منسابة من شفتيها تعبر عن ما يختلج بها من وجد وعشق لله وتقدم ذلك الشعر
كرسالة لمن حولها ليحبوا ذلك المحبوب العظيم. ومن أشعارها في أحد قصائدها التي تصف
حب الخالق تقول:
عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواك واغـلـقـت قلـبـي عـمـن سـواك
وكــنت اناجيـــك يـــا من تــرى خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراك
احبـــك حـبـيــن حـب الهـــــوى وحــبــــا لانـــك اهـــل لـــذاك
فــأما الــذي هــو حب الهــــوى فشـغلـي بـذكـرك عـمـن سـواك
وأمـــا الـــذي انــت اهــل لــــه فكـشـفـك للـحـجـب حـتـى أراك
فـلا الحـمد فـي ذا ولا ذاك لـــي ولـكـن لك الـحـمـد فـي ذا وذاك
أحبــك حـبـيـن.. حــب الهـــوى وحــبــــا لأنــــك أهـــل لـــذاك
واشتـاق شوقيـن.. شوق النـوى وشـوق لقرب الخطـي من حمـاك
فأمـا الــذي هــو شــوق النــوى فمسـرى الدمــوع لطــول نـواك
أمــا اشتيـــاقي لقـــرب الحمـــى فنــار حيـــاة خبت فــي ضيــاك
ولست على الشجو أشكو الهوى رضيت بما شئت لـي فـي هداكـا
يا سروري ومنيتي وعمـادي وأنـيـسـي وعـدتـي ومــرادي.
أنت روح الفؤاد أنت رجائـي أنت لي مؤنس وشوقك زادي.
أنت لولاك يا حياتي وأنســي مـا تـشـتت في فـسـيـح البـلاد.
كم بدت منةٌ، وكم لك عنــدي مـن عـطـاء ونـعـمـة وأيـادي.
حبـك الآن بغيتـي ونعـيـمــي وجـلاء لعيـن قلبــي الصـادي.
إن تكـن راضيـاً عنـي فأننــي يا منـي القلب قد بـدا إسعـادي.
رابعة العدوية هي من الشخصيات التي تختلط بشأنها الحقيقة
والأسطورة ، ولكن الكل يجمع علي كونها من المتصوفين العظام، وأثرت في الفكر الإسلامي الصوفي وهي مؤسسة أحد المذاهب الصوفية وهو: "العشق الإلهي".
- هي من أبرز من أسسوا فكرة الحب الإلهي الذي بنته علي الشوق والوجد والأنس في العلاقة بين الإنسان وربه.
- لذلك تعتبر مؤسسة ورائدة لمذهب من المذاهب الصوفية الإسلامية. وبرزت في التاريخ بحبها لله الذي كان (وللأسف مازال) من الصعب علي الكثيرين أن يستوعبوه.
توفيت رابعة وهي في الثمانين من عمرها .
رابعة تختلف عن متقدمي الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد ونساك، ذلك أنها كانت صوفية بحق، يدفعها حب قوي دفاق، كما كانت في طليعة الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص، الحب الذي لا تقيده رغبة سوى حب الله وحده.
قصيدة
راحتي في خلوتي :
راحتي
يا أخوتي في خلوتي =وحبـــــيبي دائماً في حضرتي
لم
أجد لي عن هـواه عوضاً =وهـــــواه في الــــبرايا محنتي
حيثما
كنت أشاهد حسنه =فـــــهو محرابي إليه قبــــلتي
إن
أمت وجداً وماثم رضا =واعناني في الورى وشـــــــقوتي
يا
طبيب القلب يا كل المنى =جد بوصل منك يشفي مهجتي
يا
ســروري وحياتي دائماً =نشأتي منك وأيضاً نــــــشوتي
قد
هجرت الخلق جميعاً ارتجي =منك وصلاً فهل أقضي أمنيتي
قصيدة
احبك حبين
أحبك
حبين : حب الهوى= وحـب لأنك أهـل لِـذاكَ
فأما
الذي هو حب الهوى =فشغلي بذكرك عمّن سواك
وأما
الذي أنت أهلٌ له=فكشفك للحجب حتى أراك
فلا
الحمد في ذا ولا ذاك لي= ولكن لك الحمدُ في ذا وذاك
ولما
علمت بأن قلبي فارغ=ممن سواك .. ملأته بهواك
وملأت
كلّي منك حتى لم=أدع مني مكاناً خالياً لسواك
فالقلب
فيه هيامه وغرامه=والنطق لا ينفعك عن ذكراك
والطرف
حيث أجيله متلفتاً =في كل شيء يجتلي معناك
والسمع
لا يصغي إلى متكلم=إلا إذا ما حدّثوا بحلاك
قصيدة
يا سروري
يا
سروري ومنيتي وعمادي
وأنيسي
وعُدتي ومرادي
أنت
روح الفؤاد أنت رجائي
أنت
لي مؤنس وشوق كزادي
أنت
لولاك يا حياتي وأُنسي
ما
تشتتُ في فسيح البلاد
كم
بدت مِنة وكم لك عندي
من
عطاءٍ ونعمةٍ وأيادي
حُبك
الآن بُغيتي ونعيمي
وجلاءُ
لعين قلبي الصادي
ليس
لي عندك ما حييت براحٍ
أنت
منى مُمَكنُ في السواد
إن
تكن راضياً عليّ فإني
يا
مُنى القلب قد بدا إسعادي
قصيدة
وزادي قليل:
وارحمتاً
للعاشقين ! قلوبهم
في
تيه ميدان المحبة هائمه
قامت
قيامة عشقهم فنفوسهم
أبداً
على قدم التذلل قائمه
إما
إلى جنات وصل دائما
أو
نار صدٍ للقلوب ملازمه
وزادي
قليل ما أراه مُبلّغي
أللزاد
أبكي أم لطول مسافتي
أتحرقُني
بالنار يا غاية المنى
فأين
رجائي فيك أين مخافتي
إني
جعلتك في الفؤاد محدثي
وأبحتُ
جسمي من أراد جلوسي
فالجسم
من للجليس مؤانس
وحبيب
قلبي في الفؤاد أنيسي
قصيدة
كأسي
كأسي
وخمري والنديم ثلاثة
وأنا
المشوقة في المحبة: رابعه
كأس
المسرة والنعيم يديرها
ساقي
المدام على المدى متتابعه
فإذا
نظرت فلا أُرى إلا له
وإذا
حضرت فلا أُرى إلا معه
وتخللت
مسلك الروح مني
وبه
سمى الخليل خليلا
فإذا
ما نطقتُ كنت حديثي
وإذا
ما سكتُ كنت الغليلا
No comments:
Post a Comment
وما يلفظ من قول الا لديه
رقيــــب عتيــــــد