Tuesday, June 8, 2010

موسم الهجرة المعاكسة


تتعدّد مواسم الهجرة وتتنوّع على مدار العام وتزيد وتنقص وتنتشر حينا وأحيانا تنحسر  وهي القاسم المشترك بين كل الأمم التي خلقها الله
من بشر وحيوان وطير ومع حلول صيف كل عام تبدأ أوسع الهجرات المعاكسة في التّحرّك في كل الأتجاهات والهدف واحد وهو العودة الى
أحضان الأوطان العودة الى الأصل والعودة الى المهد...فما أحلى الرّجوع اليه هذا الوطن الكبير وهذا الحضن الدّافئ  ..ولعلّني بهذا المقال وفي هذا المقام  أردت بكل حب وبكل صدق أن أستبق الجميع الى استقبالهم   وتهيئتهم نفسيا ومعنويّا وحسبي من هؤلاء الملايين أن تصل
رسالتي الى واحد فقط من هؤلاء العائدين وكذالك واحد فقط من المسؤولين القائمين على منافذ الدخول برا وبحرا وجوا  واللبيب بالأشارة يفهم   فلنتّقي الله فيهم هذا العام وتكن هجرتنا الى الله ...لا يا أخي لاتقبلها هذه المرة لا تأكل في بطنك حرام لاتسهّل اجراءت دخولهم بقبول
رشوة فالراشي والمرتشي في النار   وعلى عاتق المسؤولين الكبار مراقبة ضعاف النّفوس فمثل هذه السلوكيات لها تبعات قاسية ومؤلمة
على نفسية العائد الى الوطن  آن الأوان أن نقضي على هذه الظواهر السلبية المقيتة التي لا تمت لديننا بصلة وهي كبيرة من الكبائر ومعصية
 وحرام بيّن ليس به شبهة  ..أحدّثكم من واقع الحال  وأقسم بالله كنت في أكثر من موقف شاهد عيان والمؤسف هذه الظاهرة ليس لها موسم
بل على مدار الساعة   وأتحدّى من يقول بأنّهم شواذ ...لا أبدا هم أغلبيّة ويا للأسف وفي كل البلاد العربية  ويجب الأعتراف بانّهم أغلبية
والأنصراف الى وضع حد وضوابط وعقوبات صارمة  نعم صارمة جدّا لأنّ مثل هذه السلوكيات تذهب بنا الى حد الكفر بالوطن وبمن فيه ومن عليه وكم سلوك مثل هذا قلب حياة العديد رأسا على عقب وكم من عائد جلب معه قرار الأستقرار النّهائي في بلده وما لبث
ان ارتدّ على عقبه وكفر بالذي هو وطن  وهؤلاء كثر وكانوا أشدّ المؤمنين والمولعين بأوطانهم ولا أدلّ من تلك المشاهد الصادقة
لحضة وصولهم يسارعون قبل احتضان أسرهم الى تقبيل تراب أوطانهم والتراب وحده يألم لما يألمون وكأس الليمون وحبّات الزيتون.
رفقا بهاؤلاء المهاجرين هاؤلاء الأنصار لأوطانهم  وخاصّة بعد هذه الأزمات المتتالية والتغيّرات المتسارعة حتّى في المعاملات
فلا يكاد يصل الواحد منهم الاّ وقد تعرّض لألف تفتيش وتفتيش فهم في كل الأحوال مصنّفون ارهابيّون فلا ترهبوهم أكثر من ذالك
ولا تزيدونهم رهقا {اللي فيهم مكفّيهم وزيادة}  وجاء في أحاديث النبي  أن السفر قطعة من العذاب  فارفقوا بهاؤلاء  ولا تعيدوا علينا " مشهد عضام القبور عبر أعلامكم المأجور" فالكامرا التي تسلّط 
الأضواء على نثر الزّهور عادة ما تخفي وراءها ألف طابور  
في أحد المواسم الصيفية كنت أنتظر أخي عائدا من أحدى الدول الأوروبية عبر ميناء بحري وكنت أراقب من شرفة عالية
صراع الحق مع الباطل  وكان بالأمكان تصوير المشهد من ألفة الى يائه ولكن من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة وكلنا خطّاؤون
 وخير الخطائين التّوابون  ومشهد آخر حصل معي في مطار عاصمة عربية  وغريب جدا كنت قد جلبت معي قطعة غيار سيارة لأخي
وتحديدا {البلور الأمامي} وقد اضطررت لدفع ثمنه مضاعفا لأنّهم عن قصد أخّروني الى ما قبل أقلاع الطائرة  حتّى أكون لقمة سائغة وكان لهم ذالك فدفعت لمراقب الجمارك الأول والذي أشار الي أن أعطي المراقب التاني والذي بدوره أشار الي أن لا أنسى
المراقب الثالث ...والله على ما أقول شهيد 
وفي بلادي صبيحة يوم العيد أوقفني شرطي المرور لأجل حزام الأمان  وكنت أقود سيارة بلوحة أجنبية  وأصرّ على سحب الرخصة
ليس لردعي ولكن لحاجة في نفس يعقوب ولما وافقت على منحه ما يذلّه  طلب المزيد لأنّه كان يعتقد بأني لست ابن البلد فأظهرت له هويتي فاكتفى بذالك
وفي ذاكرتي عديد المواقف المخجلة  والظاهرة متفشية  وأكيد منكم من يتساءل لماذا لم أخبر السلطات بذالك  والجواب لا فائدة
ترجى وفي حالات كثيرة يزداد الأمر سوء ا وتعقيدا وهذا بالتّجربة أيضا والدليل الدامغ
قبل اسابيع ذهبت شقيقتي الى احد المراكز لاستخراج جواز سفر ابنتها التلميذة وأحضرت معها كل الأوراق المطلوبة وطابع جبائي
بثمن ستون دينارا  وتلقّت منها الموضفة ذالك وأشارت على شقيقتي استبدال الطابع الجبائي بآخر قيمته عشرون دينارا لأنها تلميذة
وجاءت لها بالطابع  وأكملت جميع الأجراءات بانتظار تسلم وصل بذلك وفي هذه الأثناء طالبت الموضفة بكل وقاحة بالأربعين دينار المتبقية وحتّى لا أطيل عليكم فقد ألقت شقيقتي بمحاظرة على مسامع هذه المرتشية  فتظاهرت الأخيرة بأنّها تمزح فقط   وتطوّر الأمر  و اشتكتها الى رئيسها مدير المركز بحجّة أنّها ترتدي الحجاب هي وابنتها بشكل غير مسموح به فالحجاب بصورة عامة في بلادي يجلب الشبهة لصاحبته وحتّى لا أقول أكثر من ذالك  وخلاصة القصّة أنّ شقيقتي أرادت ستر هذه الموضفة المسلمة وعدم
فضحها لأنّها لمحت منهم تعاطفا معها وسحبت أوراقها بهدوء وذهبت بهم الى الوزارة واستخرجت الجواز في يومين فقط   ومن يتّق الله يجعل له مخرجا  "  ففي بعض المواقف يتعرّض المؤمن الى الأبتلاء فاصبر وقل حسبنا الله  ونعم الوكيل 
ولا تعمّم في الحكم على النّاس ولا تتعجّل في أخذ قرار تندم عليه واعلم أنّك ما دمت على حق فالله معك حيثما كنت
ظاهرة محاربة الحجاب أخذت على عاتقي كلما رأيت بأم عيني موقفا الاّ فضحت أصحابه فهؤلاء يحاربون الله فلا أقل من فضحهم
وكشفهم للعموم 
رئيس أحد المراكز شاهدته أمام المحل في أكثر من مناسبة يقود سيارة قديمة "خردة" لاتصلح للسير  ويوقف سيارته ليشير 
الى احدى المتحجبات بالمثول أمامه وهو على كرسي القيادة ويعطيها ملاحظاته عن كيفيّة ارتداء حجابها  بأن تكون القفلة من هنا
مثلا وليس من هناك ..تدخّل سافر في شيء لا يعنيه وبستحق البصق في وجهه وهؤلاء مرضى وخطر على أوطانهم وحرام تعطى
لهم مسؤوليات كهذه ...ولكن متى كان الرجل المناسب في المكان المناسب في هذا الزمن الرّديء  والمعادلة فيه مقلوبة خيار النّاس يلقى بهم في السّجون وغيابات الجب  والأشرار يصولون ويجولون ولا يلوذون بالفرار ولطالما تساءلت لماذا لا نجد في المرافق الحسّاسة والمؤسسات العامة واعظين ودعاة وعلماء يقومون بأداء رسالتهم النبيلة ..انّما يخشى الله من عباده العلماء ..هاؤلاء بحق يتّقون الله في خلق الله حيثما حلّوا وأقاموا.
                                                                                          وللشجون عودة وبقية



No comments:

Post a Comment

وما يلفظ من قول الا لديه
رقيــــب عتيــــــد